الحصون والأبراج
حماية ومراقبة
تؤكـّد النّصوص القديمة وخاصّة مؤلفات الرحالة وكـذلك الدّراسات الحديثة أن ضفاف الوطن القبلي كانت محمية بالعديد من القصور والحصون وبيوت المراقبة وقد أحصى الباحث محمد الطّاهر المنصوري مالا يقلّ على 13 قصرا اندثرت كلّها ولم يبق منها إلا بعض الجدران في قربة و منزل حرّ بيْد أنّ ما صمد من الحصون القديمة حصنان يعدّان من أهمّ الحصون القائمة التي تحدّت الزمن إلى جانب حصن قفصة البيزنطي وحصن طبرقة الشهير.
الحصن الأول شامخ على قمّة جبل مقابل البحر بمدينة قليبية والثاني برج أو حصن الحمامات الذي مازال محافظا على مكوناته الأساسية.
أمّا حصن قليبية الذي هو الآن في طور الصيانة ومواصلة الحفريات فهو يرجع إلى العصور القديمة وقد أدخلت عليه العديد من الترميمات والتغييرات وقد استغل كثكنة للجيوش الفرنسية الغازية في آخر القرن التاسع عشر ويعود معماره الحالي إلى الفترة الحسينيّة محتويا على بقايا المعمار البيزنطي إذ هو في الأصل حصن بوني أعاد بناءه البيزنطيون كآخر قلاعهم واحتمى به آخر من تبقّى منهم عام 698 عند انتصار العرب عليهم و هروبهم نحو جنوب أوروبا.
وتحوّل هذا الحصن إلى رباط استغلّه الفاطميون والصّنهاجيون والحفصيّون إلى أن احتلّه الإسبان أثناء حملة “شارلكان” وهو يعتبر الآن أهمّ حصن إسلامي قائم الذات في تونس.
أمّا حصن مدينة الحمامات فيرجع بناؤه إلى القرن الخامس عشر ميلادي على أنقاض حصن قديم من القرن الثاني عشر كان هدفا لهجوم آخر الصليبيين الذين تمركزوا في مالطا وكانوا يسمّون مدينة الحمامات بالمحمّدية أي مدينة محمد.
أدخلت على هذا الحصن عدّة تعديلات وأتى تخطيطه على شكل مربّع يفضي إليه مدخل وحيد استغل ذلك الحصنّ كقشلة وسجن ثمّ ثكنة للجيوش الفرنسية التي تصدّى لها بضراوة سكان المنطقة ويتوسّط ذلك الحصن مقام الوليّ الّصالح “أبو علي”
وعندما يتسلّق مدارجه الزّائر يكتشف أحد أجمل المشاهد التي تعكس روعة تمازج زرقة خليج الحمامات وخضرة الجبال المجاورة.