يتمتّع الوطن القبلي برصيد متنوّع من المياه السّاخنة الطّبيعية وزاخرة بالعيون المتدفّقة مياها حامية في منطقتي قربص والحمّامات، وإن أصبحت حمّامات “الجديدي” تابعة لزغوان فإنّ مدينة قربص هي أهمّ محطـّة استشفاء واستجمام بالمياه السّاخنة في البلاد التونسية تحوّلت مدينة الحمامات إلى أهمّ محطـّة استشفاء بمياه البحر.على ضفاف السـّواحل الصّخرية الغربية للرّأس الطيب التي تطلّ مدنها وقراها على قرطاجة وسيدي بوسعيد، تحتمي مدينة قربص بالجبال من الرّياح العاتية التي تهبّ من خليج تونس محافظة على كنوزها من المياه الساخنة التي تتدفـّق من تحت صخور الجبال.
وقد ذكر هذه المدينة منذ العصور القديمة مؤرّخون مثل : “سلين” و”بتولمي” و”سترابون” وتيت ليف” وكانت تعرف بمدينة : “المياه السّاخنة” كما تؤكـّد ذلك الحفريّات الأثرية.
اندثرت المدينة وهُجرت، ولكن أحد المستوطنين أعاد لها مجدها وهو السيد “ليكوكربافتي” رئيس تحرير جريدة “الدّباش”. والذي تحصّل من السّلطة على رخصة ليعيد الحياة إلى هذه القرية النـّائية والعسير الوصول إليها بشقّ طريق جبليـّة تشييـّد بيوت استضافة وحمّامات معدّة لاستقبال الباحثين عن الاستحمام والاستشفاء بالمياه السّاخنة بعد أن تمّ ترويض تلك المياه المتدفّقة بطريقة عشوائية في أحواض تغذيها قنوات عصريـّة.
وتبدو مدينة قربص وقد احتمت بالصّخور من تقلّبات الطّقس وتحصّنت من كلّ هجوم طارئ درّة متلألئة ببيوت بيضاء المعانقة لضياء البحر.ينصح الأطبّاء والمختصّون بالاستشفاء بمياهها لمداواة أمراض الجلد وأجهزة التنفـّس وآلام المفاصل والعظام. وقد قام المختصّون بدراسة أثر مياهها على جسم الإنسان فتأكـّدت علميا صلوحيتها ومنافعها.وتتدفـّق من مدينة قربص سبع عيون مياه حامية يتمتـّع بها الزّوار وهي : العين الكبرى وعين الشـّفاء وعين العراقة وعين العتروس وعين الفكرون وعين الصبيّة.
ولكـّل عين صفات ودور في معالجة الأمراض. وقد توزّعت الحمّامات بين مغطاة ذات أحواض ومطاهر وبين تلك التي هي في الهواء الطّلق.وبرهنت التـّحاليل الكيميائية على غنى تلك المياه بالإصلاح والحوامض وشتّى المكوّنات القادرة على معالجة الأمراض إلى جانب نقاء الهواء الذي يهبّ عليها من خليج تونس.
كما يتم إعداد سوائل في قلال خاصّة وذلك بطبخ أنواع متعدّدة من الحشائش البريّة التي تنبت في أعالي الجبال المجاورة من عرعار وشيح وإكليل وزعتر وخزامة يتناولها القادمون للاستشفاء وبالخصوص أولئك الذين يشكون أمراض الأمعاء والكلى.قربص هي عاصمة الاستحمام بلا منازع وقبلة الراغبين في التداوي بالطرق الطبيعية بعد أن عجز الطبّ الحديث على تحقيق رغباتهم.