نيابوليس
عاصمة تمليح السّمك
يصف الإدريسي في رحلته في القرن الثاني عشر مدينة نيابوليس بأن رسوم وأثار ما تبقى من المدينة الرومانية يغطي مساحة هائلة مما يدل على أنها كانت من كبريات مدن المنطقة .
وتحوّلت مدينة نيابوليس بعد الفتح الإسلامي إلى محجر لتشييد مدينة نابل الحالية إلى أن قام الباحث الفرنسي J.P.Darmon سنة 1965 بالتنقيب عن آثارها ثمّ أستعيد التنقيب في السنوات الأخيرة تلتها بحوث أدّت إلى اكتشاف معلمين غنيّين بالمعطيات التاريخية.
يتكوّن موقع نيابوليس من مجموعتين أثريتين تمتدان على الشّريط الموازي للبحر.
يمثّل المعلم الأوّل منزلا رومانيّا إفريقيّا يعرف بمنزل الحوريّات الذي كان حسب المختصين معهدا لتدريس الفلسفة. ويعود تنفيذ فسيفسائها إلى أواسط القرن الرابع الميلادي. وتشكل زخارفها الهندسية مشاهد مستوحاة من أعمال هوميروس وسوفوكل مثل صورة البراق وهو ينهل من العيون أو صورة بوزايدون إلاه البحر وبعض الشخوص الخرافية الأخرى.
ونقلت هذه الأعمال الفسيفسائية إلى متحف نابل.
أمّا المعلم الثاني القريب من البحر فهو مجمع حرفي لتمليح الأسماك وتصبيرها وصناعة مادة “القاروم” (نوع من الصالصة يستخرج من أحشاء السّمك) وقد اكتشف الأثريون في الأحواض المغطاة بالاسمنت الحجري جرارا مليئة ببقايا السّمك المتعفـّّن، وإن كانت مصانع تمليح السّمك منتشرة على سواحل الوطن القبلي فإن أهمّها أحواض نيابوليس التي تتميّز بأحجامها الكبيرة.
يتمّ تمليح السّمك وتصبيره في أحواض ستة يبلغ عمقها المترين يقع فيها تمليح السمك الأزرق السردين والسكنبري والتونة . كما تصنع فيها مادّة “القاروم”، سائل محبّذ عند الرّومان. ويحيط بتلك المنشآت شوارع ومعلم ديني موشّح بفسيفساء عليها تاج يحيط به شمعتان يضاء أثناء مهرجان الألعاب تبـرّكا بالإلهة أرتميس.